accessibility

لمحة تاريخية عن الحياة الدستورية

 الحياة الدستورية

إن الحياة الدستورية ليست جديدة على الأردن بل  تكاد تكون مواكبة لإنشاء الدولة الاردنية (آنذاك الإمارة) وتعود بدايتها الى عام 1924 حينما أمر أمير البلاد انذاك ( المغفور له عبدالله الأول) بانشاء لجنة من واجباتها وضع (قانون اساسي أي دستور )وقد أنهت عملها عام 1924 إلا أن تنفيذ توصياتها بإصدار الدستور لم تتم إلا في عام 1928 بسبب الظروف السائدة في المنطقة والإنتداب البريطاني مع ملاحظة أن ذلك القانون الاساسي – الدستور لم يكن ملبياً وقادراً في ذلك الوقت على استيعاب أشواق وتطلعات المواطنين في إكمال انشاء دولة ديمقراطية وذلك بحكم مجموعة من الظروف والأوضاع الاقليمية والدولية التي سادت المنطقة آنذاك بما في ذلك الخلاف الفرنسي / الانجليزي على المنطقة . كقوتين منتدبتين لإدارة المنطقة وأستمر الأمر كذلك حتى عام 1946 رغم اعلان استقلال البلاد الاردنية كمملكة ولم يخرج للوجود الى عام 1947 وبالرغم أن ذلك الدستور حقق خطوات متقدمة تطويرية إلا أنه لم يكن مكتملاً على كل عناصر الدولة الديمقراطية وقصر على أن يلبي اشواق المواطنين وحاجاتهم لإقامة بنيان ديمقراطي مكتمل العناصر .

law

واستمر الأمر كذلك مع حدوث الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وجرى كذلك إعلان وحدة الضفتين الشرقية والغربية في مؤتمر اريحا الذي نجم عنه تشكيل أول مجلس نيابي وقد أقر المجلس المذكور الذي كان يمثل الضفتين بشكل متساو وحدة الضفتين بشرط الحفاظ على الهوية الفلسطينية في 24 نيسان 1950 وتنفيذاً لما سبق ذكره ألفت الحكومة الاردنية لجنة لوضع مشروع دستور قدم إلى البرلمان وكان لهذا الدستور طبيعة تعاقدية أو شبة تعاقدية بموافقة نواب يمثلون الشعب في الضفتين وهكذا تم إصدار دستور عام 1952 في عهد الملك طلال بعد اغتيال المغفور له الملك عبدالله المؤسس وهكذا دخلت المملكة مرحلة جديدة من مراحل تطورها السياسي واعتبر أصبح لديها احد افضل الدساتير العربية في العصر الحديث وخطوة رائدة في تطوير العمل السياسي وقد تم نشره واصداره في 1952/1/18 وقد احتوى بوضوح شديد اساسين حكمة التوجه نحو الديمقراطية .

الأول : النص على أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي وملاحظة هنا تقديم حكمة نيابي على ملكي في هذا النص الهام .

الثاني :1. النص على ان الأمة مصدر السلطات   2. تمارس الأمة سلطاتها على الوجة المبين في الدستور

كما اوضحت المواد 25-26-27 النصوص التي تنادي بفصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية مع الحفاظ على توازن مرن يضمن التعاون فيما بينها دون سيادة أو تغول سلطة على اخرى وذلك كيفية ممارسة كل من هذه السلطات ما فوضت به من قبل الامة وفق القواعد الدستورية والقانونية وبذلك توج إصدار هذا الدستور مرحلة طويلة وهامة من حياة الشعب الأردني وتم ذلك بأدنى حد ممكن من الاختلاف مع قيادة المملكة وهو امر طبيعي في مثل حالتنا هذه وبالتالي أرسيت قواعد الحياة الدستورية والمسيرة الديمقراطية ولا يزال هذا الدستور موضع احترام واجلال من أبناء الشعب بغض النظر عن ما طرأ عليه من تعديلات في العقود السابقة تحت ضغط ظروف دولية ومحلية فقد ظل منطلقاً امناً لاستيعاب نداءات التطوير والتحديث والاصلاح التي تتطلبها طبيعة التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفي خطوة أخرى مستجيبة لمجموعة ظروف محلية ودولية واجتماعية واستكمالاً للتوجة الاصلاحي الذي اخذ يسود المجتمع الاردني جرى التعديل الدستوري الاخير في عام 2011 استجابه للتوجه العام الطامح دائماً لمزيد من التطور والتجديد وذلك بإنشاء لجنة ملكية لتعديل الدستور وتكليفها بمهمه إعادة النظر في تطوير الدستور والتعديلات التي طرأت عليه بقصد تحديث نصوص واستيعاب المستجدات على الساحتين الوطنية والدولية .

وبالفعل تم تعديل الدستور في عام 2011 وفقاً للنصوص الدستورية وكانت هذه التعديلات على درجة هامة من الاتساع حتى انها شملت اكثر من ثلث نصوص الدستور واحتوت في مجملها على تعديلات هامة فيما يتعلق بنصوص إدارة السلطات وأسلوب عملها وكذلك في الأجزاء المتعلقة بحقوق الانسان الأساسية وبمنظومة حقوق الانسان بمفهومها الدولي وتمت موافقة البرلمان عليها وأصبحت سارية المفعول ونافذة ومن أهم هذه التعديلات مسائل تتعلق بالسلطات الثلاث وضمانات عدم تدخل أو تغول أحدهما على الأخرى وتم تنظيم علاقات هذه السلطات وأسلوب عملها واستحدثت مؤسسات دستورية للرقابة على ممارسة السلطات لما فوضت به وضمان نزاهة الانتخابات كما أنشئت لأول مرة المحكمة الدستورية وفوضت صلاحيات واسعة وتتمتع باستقلال تام تتولى تفسير الدستور والرقابة على مشروعية الأداء السياسي مما أحدث تطوراً جديداً وهاماً في الحياة السياسية الأردنية والتوجه نحو ترسيخ المسيرة الديمقراطية وكذلك أنشئت هيئة مستقلة تشرف على الإنتخابات .

كيف تقيم محتوى الصفحة؟